Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

حزمة عصيّ أوقفت العجلة !

كلما يتقدم العصر، تزداد تناقضات مجتمعاتنا بشكل مفجع ومتفاقم لا يمكن تخيله، بل ويزداد الشرخ اتساعاً ولا يمكن رتقه تربويا ولا ثقافيا. إن من أشنع جنايات العصر أن يعيش الإنسان في مجتمعاتنا ،مزدوج الشخصية والتفكير معا، فهو مشّوش التفكير، مشّتت العقل، وهو يخشى المجاهرة بالتغيير نحو الأفضل.. أو انه يتشدّق كذبا وبهتانا بالمصالح الوطنية، لكنه لا يؤدي خدماته إلا لإرضاء خصوصياته وإشباع رغباته .هناك من اختار التضليل طريقا له، وهناك من اختار التشددّ أسلوبا له. وهناك من رضي بتقاليده وختم عليها، وهناك من يسعى جاهدا للمشاركة في مستحدثات واعمار الحياة. نعم، إن من أصعب ما تواجهه مجتمعاتنا، كثرة تناقضاتها، وتعدد انقساماتها.. وغدا ملايين الناس ضد روح العصر، وهم يحيون مشكلات الماضي لصراع طائفي سيأكل وجودنا ـ لا سمح الله ـ. نعم، قد يكون لهذا العصر موبقاته ومشكلاته. ولكن له ضروراته واستحقاقات معينة لنا بالمشاركة معه في منتجاته وإبداعاته.. بعيدا عن احياء ترسبات الماضي العقيم.. إن من يريد وضع العصي في العجلة الدائرة، يصر إصرارا متصلبا على كراهية كل العصر، وكل الناس، وكل المبدعين فيه، ويلعن كل من يخالفه الرأي لأسباب واهية جدا.. وهو لا يعرف الايجابية أبدا، إذ تراه سلبيا في كل الأوقات.

إن من أبشع العادات التي ابتليت بها مجتمعاتنا الصاق التهم الجاهزة بكل المخالفين، وكثيرا ما نرى شخصيات عربية وإسلامية نظيفة في تاريخها، وقد أسيئ إليها كثيرا ولطخت سمعتها بما لا يرضي الله ! إن كل مبدع وناجح ومتفتح.. في حياتنا يحاربوه حربا لا هوادة فيها.. إذ يريدون إبقاء الحياة مستهلكة، وخاملة، وكسولة، وضائعة، ومقفلة لا تعرف العالم ! أيضا، من السذاجة ان نترك ضروراتنا الأساسية وحاجاتنا الكبرى، ونشغل الناس بقضايا تافهة نعتبرها معارضة لأخلاقنا وديننا الحنيف.. والانكى من ذلك، شيوع القتل والإرهاب في مجتمعاتنا.. إن هذا وذاك بالضرورة قد جعل العالم يكرهنا، بعد أن سكتنا على كل البشاعات، وحجبنا الوعي بالمعاني السمحة.. مما اضّروا بالمجتمع، وهتك إرادته، والتقليل من وعيه بالتغطية على الموبقات وتحريم أي هامش من الحريات ! لقد أصرّوا للبقاء بمدارات التخلف!

السؤال: من يكون الانسان الحقيقي في مجتمعاتنا ؟ انه لا ينهزم أبدا، بل ان وعيه ومدركاته يجعلناه مؤمنا قويا صامدا لا يهتزّ لأي ريح صرصرٍ عاتية.. انه ذاك الذي يمتلك القدرات والادوات من اجل تغيير واقعنا المضني من سيئ إلى أفضل. انه المالك لإرادته، لا الذي ارتهنها بأيدي الآخرين.. انه المؤمن ايمانا حقيقيا بالحداثة والاعمار والتقدم، لا المضلل الذي يزيد من تناقضات حياتنا وأزماتها.. انه المبدع المنتج الذي يستجيب للتحديات مهما بلغت، وهو يعيش في عالم متوحش يمتلئ بالحيتان.. أما المنهزمون الحقيقيون، فأولئك الذين يعيشون ثنائية ثقافتين متضادتين من الماضي والحاضر.. وأولئك الذين يضللون الناس بين حياة العصر والحياة البدائية.. إنهم الذين يكرهون ويحقدون حتى على أنفسهم.. فكيف نطالبهم بمحبة الآخر؟

إنهم الذين يخلطون الأوراق دوما، لضعفهم، وضياع عقولهم، وهزال تصرفاتهم. إن من يطالب بالإصلاح والتحديث وبناء المدن الحضرية الجبارة لا يشترط عليه أن يكون تغريبيا آم تشريقيا، بل يبقى أصيلا.. انه لا يطلب منك أن تسبّح بحمد الغرب او الشرق، بل أن تستفيد من تجربتهما المعاصرة في المعرفة وتطورها. إن مجتمعاتنا بحاجة ماسة إلى الوعي بأهمية المستقبل وضروراته، قبل أن تشغلها اية خلافات وتباينات قد يتفاقم أمرها إلى ما يشبه الصراع.

إنهم من الغلاة والمتطرفين والمتعصبين الذين ابتليت مجتمعاتنا بهم، وهم يصّرون على غيهّم وأخطائهم.. إنهم دوما يضعون العصي في العجلة حتى لا تدور.. إنهم يقفون بالضد من بناء مستقبل جديد للأجيال القادمة بحجج واهية لا تستقيم ومنطق الحياة.. إنهم مرضى كونهم أسرى شرانقهم القاتلة !

إنهم يسيئون الظنون بكل من يطالب بالتغيير والتجديد في المناهج والقوانين والعادات وأساليب الحياة وأساليب الانفتاح على العالم.. إن من يؤمن بتقدم الحياة وإصلاح واقعها المضني ليس مهزوما في ثقافته ولم يصبح ذيلا للخواجات أبدا !

إن من يريد انطلاق العجلة سوف لن ينزع عنك قيمك الجميلة، بل ليبني لك وللأجيال من بعدك مناهج جديدة، وأجهزة للمناعة تقي محنة المستقبل. إن التغيير المبدع الذي ننشده لن يحولنا إلى ما يشبه الغرب، بل سينقلنا إلى درجات أفضل، وسيخلص مجتمعاتنا مما هي عليه من التناقضات.. إن الغلاة، هم قصار الرؤى بحيث ما زالوا يتفاخرون ويتنطعون بعظمة واهية، ونفخة فارغة أودتا بنا إلى كل هذه الانهيارات.. إنهم مطالبون بتغيير ما بأنفسهم «فالله لا يغّير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم»... رسالتي إلى هؤلاء أن يكونوا على درجة كبيرة من اليسر والمرونة والسماحة، ويوصوا بالأخلاق الحميدة.. عليهم أن ينتقدوا ويعترضوا ولكن بأسلوب مسالم وحضاري إن كانوا مؤهلين للدفاع عمّا يعتقدون به، وإلا فليدعوا غيرهم يعمل.. إن وضع حزمة عصيهم في العجلة الدائرة سيؤخر حياتنا، ويعيق تطورنا.. ويجعلنا عند نهايات السلم العالمي.



www.sayyaraljamil.com

Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
حينما انتفضت كردستان في ربيع 1991م وفي الأول من آذاره اندلعت انتفاضة كردستان العظيمة بعد اكثر من خمسة عشر عاما من حرب العصابات والإبادة الجماعية للسكان وسياسة المؤتمر الآشوري في السويد وأوهام في الرؤية السياسية أنا شخصياً أقدر المشاعر القومية الجياشة للمؤتمرين في المؤتمر الآشوري الموسع الذي ختم اعماله قبل أيام في السويد وحضره مجموعة من الأحزاب والمنظمات الآشورية . في العصر الراهن تشكل الأقليات مشهداً مألوفاً وهي تعرض كينونتها ووجودها ثم تعرض مطالبها مستفيدة أك انتحارية تفجر نفسها وتقتل مواطنا وتجرح 13في بعقوبة شبكة اخبار نركال/NNN/ بعقوبة، العراق / اعلنت القوات المتعددة الجنسيات بأن انتحارية فجرت نفسها حوالي الساعة 11:50 صباحا في منطقة آسياسيل توقف الربط البيني مع مجموعة من الأرقام غير المُرخَصَة لشركة زين شبكة أخبار نركال/NNN/ أصدرت شركة أسياسيل بيانا، حول ايقافها الربط البيني مع مجموعة من الأرقام غير المُرخَصَة لشركة زين، وذلك إستجابةً لتعليمات هيئة الاعلام والاتصالات العراقية. وفيما يلي نص البيان:
Side Adv1 Side Adv2