Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بين حكومتي نوري السعيد ونوري المالكي ضاع الأنسان العراقي

أسدل الستار على مآسي الحرب العالمية الثانية ، وطفقت الشعوب والأمم تضع بوصلتها صوب البناء والتعمير لما دمرته الحرب وما خلفته من المآسي والأهوال . في العراق دأب الحكم الملكي الوطني الى السعي في انتقال البلاد من الوضع الذي خلفته الحرب العالمية الثانية الى الوضع الطبيعي الذي تقتضيه ظروف السلام وفي المقدمة باشرت في بعث الحياة الحزبية .
تشكلت وزارة توفيق السويدي في 23 شباط 1946 التي اتخذت الخطوات السريعة نحو السماح للأحزاب السياسية بالعمل ، فأغلقت معتقل العمارة وألغت الأحكام العرفية ..
أجازت هذه الحكومة خمسة أحزاب من أصل ستة تقدمت للحصول على ألأجازة ( هادي حسن عليوي : الأحزاب السياسية في العراق 104 ) . وهذه الأحزاب هي :
1 ـ حزب الأحرار يرأسه سعد صالح ، ويمثل فئة الطبقة الحاكمة .
2 ـ حزب الأستقلال يرأسه محمد مهدي كبة ، ويمثل الأتجاه القومي العربي .
3 ـ حزب الشعب يرأسه عزيز شريف ، يمثل بعض الفئات اليسارية .
4 ـ الحزب الوطني الديمقراطي ، يرأسه كامل الجادرجي ، وهو في الأصل جماعة الأهالي .
5 ـ حزب الأتحاد الوطني ، يراسه عبد الفتاح ابراهيم ويمثل بعض الفئات اليسارية .
6 ـ حزب التحرر الوطني : لم توافق عليه وزارة الداخلية ، وقد اراده الشيوعيون واجهة علنية لنشاطهم الحزبي السري .
وكانت هناك أحزاب سرية تعمل بدون إجازة وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي ، وهناك ايضاً أحزاب كردية سرية منها حزب شورش وحزب روزكاري كوردي والحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني . كما برز اتجاه جديد في التيار القومي الذي مثله حزب البعث العربي الأشتركي .
سقطت حكومة السويدي وكلف الوصي على العرش عبد الأله أرشد العمري بتأليف الوزارة .
في الأول من حزيران 1946 تشكلت الوزارة وكان يوسف غنيمة وزيراً للمالية ووزيراً بالوكالة للتموين .
بعد إجازة الأحزاب الخمسة وشروعها في العمل العلني ، كان من الأحداث التي جرت خلال حكم هذه الوزارة هو اضراب عمال شركة النفط في كركوك يوم 12 تموز 1946 وكان في قلعة " كَاور باغي " أي بستان الكافر وعرف الحادث ( بمذبحة كاور باغي ) .
وخلاصة الحادث ان عمال شركة النفط في كركوك اضربوا عن العمل مطالبين زيادة اجورهم وتهيئة دور سكنية لهم وطالبوا تطبيق قانون العمل والعمال بخصوص تحديد ساعات العمل وبعض المطالب العمالية الأخرى . وحكومة أرشد العمري سلمت بأحقية تلك المطالب ، لكن العمال شعروا ان الحكومة لا تجري مفاوضات جدية معهم فواصلوا الأضراب ، ولم تنجح زيارة وزير الأقتصاد الى لواء كركوك والأجتماع بممثليهم في وقف اضرابهم ، لقد صمموا على المضئ في الأضراب لحين الأستجابة الى مطالبهم .
في هذه الأثناء اجتمع متصرف اللواء بممثليهم وأبلغهم ان شركة النفط سلمت مبدئياً بأحقية مطالبهم وأمرهم بالعودة الى العمل ، إلا انهم اجتمعوا في عصر ذلك اليوم 12 / 7 / 1946 في قلعة كَاور باغي بشأن التداول فيما بينهم بقبول العرض او الأستمرار في الأضراب . وهنا بعثت السلطة بعدد من الشرطة الخيالة وحاولت تفريقهم بالقوة ثم فتحت النار عليهم فسقط خمسة من القتلى وأصيب أربعة عشر بجراح بعيارت نارية .
ماذا حدث بعد ذلك ؟
يحدثنا جرجيس فتح الله ( العراق في عهد قاسم ج2 ص 737 ) يقول :
ثارت الخواطر لهذه الجريمة بشكل غير معهود وقدمت الأحزاب الخمسة الحديثة التكوين احتجاجات شديدة ، وهاج الرأي العام العراقي بحيث أكره الحكومة العراقية على اتخاذ إجراءات تأديبية ، فعزلت متصرف اللواء وطردت مدير الشرطة ونقلت رئيس محكمة الأستئناف ، وبعثت بقاض ليقوم بالتحقيق ، فجاء تقريره النهائي ليدين الأدارة كلياً ، ملقياً اللوم فيما حصل على سوء تصرف السلطة ومؤيداً العمال بأنهم كانوا عزلاً . واستجابت الحكومة بعد ذلك الى كل مطالبهم . مع كل ذلك اضطرت وزارة أرشد العمري الى الأستقالة بعد بضعة اشهر وكان ذلك في 10 / 10 / 1946 وكان السبب الرئيسي في الأستقالة هو اطلاق الرصاص على العمال بدون استحصال الموافقات الأصولية لفتح النار ، حيث قتل ( خمسة اشخاص ) وأصيب عدد آخر . وقد شكلت وزارة جديدة برئاسة نوري السعيد وكان لهذه الشخصية الدور الفعال في الحكم الملكي الليبرالي العراقي ، حيث بلغ عدد المرات التي كلف (نوري السعيد ) بتشكيل الوزارة 15 مرة خلال تاريخ الحكومات العراقية ، من الحكومة الموقتة برئاسة عبد الرحمن الكيلاني في 25 / 10 / 1920 الى 14 تموز 1958 ، وكان عددها خلال هذه الفترة 59 وزارة .
(( لقد كان للأنسان العراقي قيمة في تلك العهود فمن أجل ( خمسة عمال ) قدمت خمسة أحزاب ـ وهي جميع الأحزاب المجازة ـ احتجاج شديد اللهجة الى الحكومة ، عزلت الحكومة متصرف اللواء وطردت مدير الشرطة ونقلت رئيس محكمة الأستئناف لكن مع ذلك لم تسلم الحكومة من إجبارها على الأستقالة )) .
واليوم بعد مرور أكثر من ستين سنة على تلك الحكومة التي استقالت لمقتل " خمسة عمال " ، وفي هذه العقود كان ينبغي ان ترتفع مكانة الأنسان العراقي ، أصبح هذا الكائن أرخص بضاعة في العراق .
في يوم يفوز الفريق العراقي في مباراة دولية لكرة القدم ، ويحتفل العراقيون بهذا الفوز ، فتحصد السيارارت المفخخة المئات منهم بين قتيل وجريح ، والحكومة العراقية لا يرف لها جفن ، وكأن الحكومة العراقية هي حكومة شعب آخر وليست حكومة الشعب العراقي .
وفي ظل حكومة المالكي تعرضت ماكنة الأرهاب لقريتين عراقيتين تقطنهما الطائفة اليزيدية وتشكل اكثر الهجمات دموية وتهدف الأبادة الجماعية لهذه الشريحة العراقية وتخلف أكثر من 400 قتيل والحكومة العراقية المنتخبة تثبت أقدامها غير آبهة بما يجري للمواطن العراقي إن كان يزيدي او مسيحي او مسلم او مندائي .
لقد كانت الأحزاب السياسية في العهد الملكي الليبرالي تتسابق على خدمة الشعب العراقي وبرامجها تدور حول مصلحة الشعب وكرامته وهي بالأساس احزاب علمانية في اليمين واليسار والوسط وأحزابنا اليوم دينية وطائفية ، ليس لها علاقة بمصلحة الشعب ، أنها في واد والشعب في واد آخر .
لقد جاءوا للحكم نتيجة الأنتخابات لكنهم لم يكونوا أمناء لهذا الشعب الذي اوصلهم الى كرسي الحكم .
ما هي المكتسبات التي حققوها للشعب العراقي الى اليوم ؟
الحصيلة النهائية هي صفر في صفر ، بل اعادوا العراق خطوات الى الوراء في كل النواحي :
غياب الأمن ، انعدام الخدمات ، الفساد الأداري والمالي ، تفشي الجريمة ، تلوث البيئة ..
رحم الله نوري السعيد وأرشد العمري ، وحمدي الباجه جي وتوفيق السويدي وصالح جبر وجعفر العسكري وأحمد مختار بابان وعلي جودت الأيوبي وغيرهم من رؤساء الوزارة العراقية الذين كان ضميرهم يؤنبهم لمقتل خمس عمال فتستقيل الوزارة بكاملها .
لقد ضاع الزمن العراقي ، كما ضاع الأنسان العراقي ، ونتساءل متى يكون للأنسان العراقي قيمة في وطنه ، ومتى تشعر حكومتنا المنتخبة انها تمثل الشعب العراقي وليس الشعب الهندي او الباكستاني ؟
ومتى تعرف أنها مسؤولة عن امن العراقيين وصحتهم وتعليمهم ووقودهم وكهربائهم ... ؟
على الحكومة العراقية ان تعرف انها ستكون صادقة في اقوالها وأفعالها حينما تستطيع ان تحمي اليزيدية وكل الأقليات حيث تركوا بدون حماية .
ومتى يعرف اعضاء البرلمان العراقي والحكومة العراقية أن عليهم ان ينجزوا مسؤولياتهم بأمانة لأنهم يستلمون رواتبهم من الخزينة مقابل إدائهم لهذا الواجب ؟


habeebtomi@yahoo.com Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
موقف المسلمين من العوائل المشردة قسراً قدمنا في بداية الاضطهاد الاربعيني الموصلي سلسلة من المقالات حول الجهة التي تقف وراء هذه العملية السيادينية بإمتياز، مشروعنا حضاري أولا وأخيرا: دعه يعمل.. دعه يمر! الانسان العراقي في مقدمة الاشياء ! لا اعتقد أبدا ، أن أي عراقي يعشق العراق ، مهما كان لونه ، أو جنسه ، أو عرقه ، أو دينه ، أو مذهبه .. لا دروس مستقاة من الرسالة الرعوية للبطريرك مار دنخا الرابع نتيجة متابعتي ولعدة مناسبات الخطابات والتصريحات والرسائل التي القاها غبطة البطريرك مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الاشورية كنت قد وصلت التاريخ يتكلم الحلقة 111 مذكراتي في دول العالم لطلب اللجوء التاريخ يتكلم الحلقة 111 مذكراتي في دول العالم لطلب اللجوء بدايات التسعينات, طلبت الدخول الى السفارة الامريكية لنفس الغرض، غير انهم بمجرد رؤيتهم لجوازي العراقي منعوني من دخولها، لان كل عراقي مصنف تحت قائمة الارهاب. اتصلت بالسفارات السويدية والدانماركية والبريطانية مقدمة طلب اللجوء الى بلدانهم معلنة عن تحصيلي ال
Side Adv2 Side Adv1